تقييم جودة ترجمة التشبيه في ضوء نظرية الصلة: أنموذج قصيدة المتنبي في مدح سيف الدولة
التشبيه نمط كلامي مجازي، يقوم على مقارنة تناظرية، تتطلب التمييز بين طرفيها - المصدر والهدف - بوصفهما عنصرين تصوريين، وتقييما ما للجمع بينهما، وتأملا في السمات المشتركة بينهما. ويغاير الاستعارةَ بأنه مقارنة صريحة بين شيئين أو حدثين، تقتضي عناصرها مرجعا واضحا لطرفي المقارنة، وتصريحا بسمات المشابهة بينهما؛ لتيسير استنتاج المشابهة، والجمع بين متجاورات خيالية وصلات غير متوقعة. ومع ذلك، فالتشبيه المفتوح (أو الشعري) يقارب الاستعارة في انطوائه على ربط ذهني مفتوح بين طرفي المقارنة، ناتج عن مجيء السمات المشتركة متضمنة، فتختفي الروابط بين مجالي الطرفين، وتبدو العلاقة بينهما معقدة. ويشكل حذف وجه الشبه وأداته، في العربية، تحديا إدراكيا في تأويل التشبيه وترجمته؛ لتضمّن سمات المشابهة المناسبة في الربط بين طرفي المقارنة، واحتمالها غير تأويل، فتبرز مشكلة تحديد السمات ذات الصلة. وتأسيسا عليه، تتناول الدراسة تشبيهات المتنبي في قصيدته "فديناك من ربع..."، التي يمدح فيها سيف الدولة (952م)، لدى ثلاثة مترجمين: "جون آربري" (1967)، و"لويس ورمودت" (1971)، ومحمود إبراهيم (1992)، معتمدة على نظرية الصلة، ونموذج إرنست-أوغست غت (1991/2000) لتبين الطرائق التي سلكها المترجمون لإنتاج الصلة في ترجماتهم، وتقييم مدى تحقيق الصلة المثلى فيها، وتحديد كفاية المترجمين في التأويلي التماثلي بين النصين. وأظهرت الدراسة أن نظرية الصلة ملائمة في تقييم جودة اللغة المجازية، وأن الترجمات المدروسة تساعد في عملية التأويل في الإنجليزية، لكنها لا تحقق التماثل التأويلي بين النصين، بما يعين القارئ الإنجليزي على تجاوز الفجوات الثقافية والإدراكية بين النصين، وأن ترجمة إبراهيم تميل إلى مقاربة التماثل التأولي في تزويدها المخاطَبين بإلماحات إلى المعنى المقصود، مع تجاهلها أحيانا المثيرات الاستظهارية في النص الأصلي؛ مما يعلي من شأن ترجمته، وتفضيلها مقارنة بالترجمتين الأخريين.
سنة النشـــر
2023