تجليات التناص وعوالم الماوراء والتصوف في رواية الفردوس المحرم ليحيى القيسي
شُغِل الروائي الأردني يحيى القيسي منذ أن أصدر روايته الأولى "باب الحَيْرة" سنة 2006م، بمتن روائي مُخَصَّب بعوالم روحية وصوفية، ومسكون باستشكالات ذات نزعة فلسفية ووجودية، وأسئلة إنسانية مسكوت عنها تتصل بعوالم الماوراء والغيب. واستغرقه هذا الاتجاه على نحو أعمق وأخصب في رواياته التي أصدرها لاحقاً، وهي: "أبناء السماء" سنة 2010م، و"الفردوس المحرم" سنة 2016م، و"بعد الحياة بخطوة" سنة 2018م، و"حيوات سحيقة" سنة 2020م.
وما يبدو ظاهراً للمتلقي المدقق، أن رواية "الفردوس المحرم"، التي هي موضوع المقاربة، تشكل بنية سردية مفتوحة تتخطى حدودها، وتتفاعل مع بعض شخصيات الرواية السابقة لها "أبناء السماء" وسارديها ومشاهدها السردية، وتعيد استدخالها في المتن السردي اللاحق "الفردوس المحرم" على نحو يولّد سياقات سردية ودلالية جديدتين، وفي الوقت نفسه يدعو المتلقي إلى التفكير في وجود فجوات متروكة في المتن السردي السابق "أبناء السماء"، هذه الفجوات التي سينهض بعبء ملئها السارد/ الساردون في المتن اللاحق "الفردوس المحرم"، ويؤسسون عليها ومعها متناً سرديّاً يتعالق نصِّيّاً مع السابق ويتجاوزه في الآن نفسه. يضاف إلى ذلك أن الموضوعات الماورائيةَ والصوفية في كلتا الروايتين متقاربةٌ ومتداخلة.
تتبنى رواية "الفردوس المحرم" رؤية مركزية تتمثل في محاولة خلخلة الوعي المعرفي السائد -فرديّاً كان أو جمعيّاً- وتفكيكه، ومحاولة بناء وعي مختلف ومفارق، عبر استشكال تلكم العوالم الماورائية بتجلياتها المُتَصَوَّرة في ثقافة الفرد والمجتمع، وتسريدها في خطاب سردي هو الآخر مفارق في شخصياته وأحداثه وأزمنته وأمكنته وأساليبه السردية.
ستحاول هذه المقاربة، التي تستعين بآليات تحليل الخطاب السردي من منظور بنيويٍّ وتناصِّيٍّ، قراءة رواية "الفردوس المحرم" في أهم تجلياتها السردية، ممثَّلة في:
- استشكال الموضوعات الماورائية والصوفية وعلاقتها بالوعي المختلف.
- التناصات الخارجية والذاتية.
- مشاهد الرواية ومسارت السرد. - ساردون وأساليب سرد.