ضمن سلسلة الندوات والمحاضرات التي تقيمها كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة خلال الفصل الدراسي الحالي، احتفلت الجامعة من خلال كلية الآداب والعلوم الإنسانية وقسم اللغة العربية بيوم اللغة العربية العالمي بندوة اللغة العربية هوية ومورداً : في سبيل أفاق مبتكرة ، أقيمت في مدرج الحسن بن طلال بالجامعة ورعاها عميد الكلية الأستاذ الدكتور سعيد أبو خضر والذي أكد على أنها تجاوزت الطابع الإحتفالي لتغدوا وقفة وعي ومسؤولية وتجلي مضامين شعار اليونسكو لهذا العام بذكاء، بوصفها هوية جامعة وذاكرة امه ولسان حضارة أسهمت ببناء المعرفة الإنسانية .
حيث يأتي إحتفاء الجامعة بيوم اللغة العربية تأكيداً جديداً على حرص الجامعة الدائم على التفاعل الإيجابي مع القضايا اللغوية والفكرية الكبرى، وإيمانها بدورها العلمي والثقافي في خدمة اللغة العرببّة، وتعزيز حضورها في الفضاء الأكاديمي والمجتمعي، بوصفها ركيزةً للمعرفة ورافعةً للهوية والانتماء.
الأستاذ الدكتور منتهى طه الحراحشة قدمت مداخلة بعنوان: العربية بين التخطيط اللغوي والتحول الرقمي: قراءة في آفاق الابتكار"، إذ سلطت الضوء على أهمية التخطيط اللغوي في حماية العربية وتعزيز حضورها في زمن الرقمنة. لأنه بات واضحًا أن مستقبل اللغة مرهون بقدرتها على مواكبة التطورات التقنية، عبر مشاريع الذكاء الاصطناعي، وتطبيقات معالجة اللغة الطبيعية. فغياب التخطيط الواعي يجعل اللغة العربية عرضة للتهميش في البيئات الرقمية. من هنا، فإننا بحاجة إلى رؤية استراتيجية تُدمج فيها اللغة بالتقنية، بما يضمن تجددها واستمرارها في حياة الأجيال القادمة.
وخلصت الاستاذة الباحثة الى دعوة الإهتمام دولبي بالعربية في يومها العالمي ، لأن اللغة العربية يمكن أن تتكامل مع معطيات التحول الرقمي من خلال التخطيط اللغوي المدروس، والابتكار التقني الذي يراعى خصائصها البنيوية والدلالية والجمال
الدكتور عبدالكريم جرادات المتخصص باللغة الفارسية بيّن السياسات الجدلية في الخط العربي في إيران وآسيا الوسطى إنه لا توجد أنه من الأمم المسلمة ساهمت إلى جانب العرب مثل الفرس، وبفضل اللغة العربية توحدت إيران لغوياً، وفضلها في نشر الثقافة الفارسية ومؤلفات الفرس بها ، وهي من أهم الاداب العالمية، الارتباط الوثيق في جميع جوانب حياتها، والخط العربي مثل حجر الأساس لشعوب متباينة الاعراق ، رؤية الحرف القرآني كان يوحي لكل أواسط آسيا الوسطى ليتحول الخط العربي من أيقونة مقدسة إلى متهم في محاكم التنوير ، كما بين أن التجربة التركية في الخط العربي وإصلاح في القرن التاسع عشر متأثرة بالدعوات والأفكار القادمة من أوروبا، ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى فشلت تركيا بتعديل حروف العربية بهدف تسريع الاتصالات، كما ذكر جرادات الأرشيف التركي وما احتواه من الخط العربي، واستعرض جهود بعض الدول في آسيا الوسطى وكتابة مراسلتنا بالخط العربي وهو يمثل الرابط الأساسي بين هذه الشعوب والعرب، أما في إيران والخط الاسلامي فقد شهدت دعوات لتغيير الخط العربي وخاصة في مجال الطباعة وفشلت المساعي هذه بمقاومة من المؤسسة الدينية والعلماء الدين في المجتمع الإيراني قول الفصل والتراث الأدبي الفارسي وزن في الهوية الإيرانية وان فصل الخط هو فصلهم عن الكلمة وأخذت استراتيجية لتطوير الخط العربي ليجمع بين الجمال والتعليم كهوية بصرية فارسية، و أشار جرادات بأن إيران ساهمت بالحفاظ على الخط العربي بازدهار ليكون مدخراً قومياً ونقطة اتصال مع العالمين العربي والإسلامي.
كما بين المحاضر الدكتور نارت قاخون من خلال مداخلته حول اقتصاد المعرفة والحلول المبتكرة كيف نستثمر الثروة اللغوية العربية، بل ان المعرفة والبيانات معرفة وهي منصات تملك رأس المال الرمزي في هذا العصر مثلا الفيس بوك مجاني، ما نقدمه هي مادة ثراء واثراء وتمثيل هذه الأشياء في العالم الرقمي وأشار إلى تمييز بعض المفاهيم التي يكثر الكلام فيها ودلالاتها ، كما وقف عند محطات مثل خطاب الهوية لأنها ذاكرة نصوصنا وإحسان إدارة اللغة، وتدريب الآلة على العمل باللغة العربية وتحقيق الثروة المالية والحياتية ليكون المورد الرقمي لتكون لغة عمل وتشغيل رقمي، وتحتاج إلى مبادرة أمه ترة في العربية مورداً لها ومستقبلها .
كما أبرز قاخون التحديات التي يجب استثمارها في العالم الرقمي ، كما تحدث عن المحتوى العربي الغير منظم، كما أوصى قاخون بإنشاء وقف لبيانات العربية، ونموذج حوكمة حضاري، لتدخل في منطق الاستدامة والمنفعة العامة.
ويأتي هذا الاحتفال في سياق مزامنة الجامعة الجهود الوطنية والعربية تؤكد أنّ اللغة العربيّة ليست مجرّد رمزٍ ثقافيّ، بل مشروع حضاريّ متجدّد، تتقاطع فيه المعرفة بالقيم، وتلتقي في أفق شراكةٍ واعية تسعى إلى ترسيخ العربيّة لغةً للفكر، وفضاءً للأخلاق، وجسرًا للتواصل الإنسانيّ الخلّاق.
الندوة التي أختتمت ببعض المداخلات والإستفسارات وقدم لها واداها الدكتور فضل الشيخ وأشار إلى ما تواجهه اللغة العربية من مواكبة للتطور المتسارع والخلاق في مجالات الرقمنة وتضخم قواعد البيانات في آفاق التنافس العالمي بين مستخدمي هذه الفضاءات وكانت هذه مجالات بحث المشاركين لعلها تجيب عن التساؤل اين تقف العربية من ذلك كله واين دورنا في الاجابة عن هذه التساؤلات ورسم سياسات ناجعة للقادم الأفضل.